صانع التاريخ الصالح

"لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ." (في3 : 6)

غزا سنحاريب ملك أشور الممالك المحيطة به وهزمهم وأذل ملوكهم. ثم أرسل بعد ذلك ربشاقي رئيس جيشه ليحاصر أورشليم، فتحدى حزقيا الملك وعيره مفتخراً بقوه جيشه وجبروته. ولم يكتف بذلك بل جدف على اسم الله الذي اتكل عليه الملك وتعمد ربشاقي أن يتكلم علانيه باللغه العبرية موجها كلامه للشعب ليدخل الرعب في نفوسهم. ولما سمع الملك ذلك مزق ثيابه وتغطى بالمسوح ودخل بيت الرب وأرسل إلي أشعياء النبي يخبره بالأمر، ولكن ربشاقي عاد وأرسل رسالة أخري يهدد فيها الملك مجدفاً علي الله قائلاً: "لا يخدعك إلهك الذي أنت متوكل عليه إنك قد سمعت ما فعل ملوك أشور بجميع الأراضي ... هل تنجو أنت؟ لاَ يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَوَكِّلٌ عَلَيْهِ، قَائِلاً.... وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ (اش 37 : 10 – 11) 

 

فأخذ حزقيا الرسائل من يد الرسل وقرأها، ثم صعد إلي بيت الرب ونشرها أمام الرب وصلى بإيمان لله. وكانت الإستجابه بنبوة لأشعياء النبي تخاطب سنحاريب قائلة-

: "هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ. احْتَقَرَتْكَ. اسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ ... مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتاً ... وَلَكِنَّنِي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَشَكِيمَتِي فِي شَفَتَيْكَ وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ." (أش 37 : 22 – 29). واستجاب الله وأرسل ملاكه وضرب في ليلة واحدة مئة وخمسة وثمانون ألفا من جيش سنحاريب فانصرف سنحاريب راجعاً إلي بلاده. وفيما هو ساجداً في بيت إلهه، ضربه ابناه بالسيف فمات.

 

ظن سنحاريب أن إلهنا الحي صانع السموات والأرض مثل باقي آلهة الوثنين ولم يدرك أن السلطان والقدرة بيد الله الذي لا يترك طالبيه. 

اتكل الملك علي الله فالتجأ إليه وذهب لبيته ونشر أمامه رسائل المتعجرف الشرير. آمن بما قاله النبي فتشدد قلبه وتشجع وترك الأمر بين يديه آمن بمحبته وقدرته، فاستجاب له المحب القدوس الذي لا يخزي طالبيه.

 

لقد سبق الرب يسوع وأخبرنا بما سيحل بالعالم من اضطرابات وتقلبات وعما ستتعرض له الكنيسة من ضيقات ولكنه أعطانا سلامه الذي لا يمكن أن ينزع منا ولذلك حذرنا الرب من الخوف والقلق والهم لأن الهم والقلق والخوف ضعف ايمان ولن يفيدنا شيئاً لقد اتكل بطرس علي الله فنزل من السفينة ومشي علي الماء بثبات لأنه آمن بالرب الذي أمره أن ينزل ويأتي إليه ماشياً علي الماء ولكنه ضعف عندما حول نظره عن الرب ليتأمل في عنف الأمواج وشده الرياح وفي الحال ابتدأ يغرق لضعف ايمانه. 

في هذه الأيام التي زادت فيها المعرفه بتقدم العلم وانتشار الوسائل التكنولوجيه الحديثة يغالي البعض فيقضون الساعات الكثيرة في مراقبة الأحداث تحت مسمي المعرفه ناسين أهمية الإتكال علي الرب في ثقة وايمان وبينما هم يهملون الصلاة والتمسك بوعود الله الخيرة يضعف إيمانهم ويزدادون اضطراباً وهماً وحيرةً وخوفاً مما يخبأه لهم المستقبل ولكن لا نجاة لهم إلا بالإيمان والصراخ مثل بطرس الذي صرخ طالباً النجدة من الرب يسوع وقائلاً لــه: " يَا رَبُّ نَجِّنِي " .(مت 14 : 30)

طوباك يا حزقيا الملك البار لأنك آمنت فنعمت بالأمان. زال عنك الهم والإضطراب حينما وقفت أمام الله للصلاه استجاب الله لصلاتك، فمجدت إلهك ومجدته معك الأجيال. لقد تركت للأجيال أيها الملك الصالح مثالاً تقتدي به الجموع علي مر العصور، وصار تدخل الله معك ومع شعبك برهاناًعلي أن الهك هو ملك الملوك ورب الأرباب ذو السلطان صانع التاريخ.

إلهنا الصالح محب البشر، نحن نعرفك... أنت الإله القدير ملك الملوك ورب الأرباب .. أنت الذي ملكت وجلست عن يمين أبيك الصالح..

أنت مدير هذا الكون، والمدبر الذي يجعل كل الأمور تعمل معاً لخير محبيه .. تتمهل، ولكنك لا تهمل تسرع لنجده مختاريك ولا تترك أبداً عصا الأشرار تستقر علي نصيب الصديقين.