بطريركية الأقباط الأرثوذكس
كنيسة السيدة العذراء بفانكوفر كندا
إيماننا الرسولي الأقدس

"أيها الأحباء إذ كنت أصنع كل الجهد لأكتب إليكم عن الخلاص المشترك اضطررت أن أكتب إليكم واعظاً أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين"(يه:3)



وصف القديس يوحنا الحبيب أورشليم السمائية مسكن الله مع قدسيه قائلاً:"... وذهب بي بالروح الى جبلٍ عظيمٍ عالٍ، وأراني المدينة العظيمة أورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله، لها مجد الله، ولمعانها شبه أكرم حجرٍ كحجرٍ يشب بلوري. وكان لها سورعظيمٌ وعالٍ، وكان لها اثنا عشر باباً، وعلى الأبواب اثنا عشر ملاكاً، وأسماء مكتوبة هي أسماء أسباط بني إسرائيل الاثنى عشر.. من الشرق ثلاثة أبواب، ومن الشمال ثلاثة أبواب، ومن الجنوب ثلاثة أبواب ومن الغرب ثلاثة أبواب.. وسور المدينة كان له اثنا عشر أساساً، وعليها أسماء رسل الحمل الاثنى عشر..." (رؤ21)

ليست أورشليم السمائية مدينة مصنوعة من أشياء مادية كباقي مدن هذا العالم الفاني لأنها مدينة إلهنا وملكنا وربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي قال:"مملكتي ليست من هذا العالم".. وكل مواصفات هذه المدينة السماوية هي رموز لأمور روحانية؛ فكما أن سور أي مدينة يحقق لها الحماية ويحفظها كذلك أسوار أورشليم السمائية توفر لها الحماية والحفظ من التعاليم الخاطئة المُضِلَّة التي تدفع الإنسان للهلاك، ولكي يكون السور متيناً قوياًّ لأبد أن يكون له أساسات قوية.. لقد كان إيمان آبائنا الرسل الأطهار قوياًّ سليماً يصلح أن يكون أساساً لسور عظيم يحمي الكنيسة من التعاليم الخاطئة المضلة.. لم يعلن لهم إنسان عن هذا الإيمان العظيم بل أعلن لهم الله بروحه القدوس.. لقد شهد الرب يسوع لإيمانهم عندما سألهم:"من يقول الناس إني أنا".. فأجابه بطرس بثقة:"أنت المسيح ابن الله الحي" فاستحق أن يمدحه الرب بقوله له:"أن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السماوات وأنا أقول لك أيضاً:"أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها..."... لقد استحق آباؤنا الرسل الأطهار لإيمانهم العظيم وتعاليمهم الصادقة الصحيحة أن تكتب أسماؤهم على أساسات سور مدينة أورشليم السمائية التي صانعها وبارئها هو الرب، والتي ستدوم إلى أبد الآبدين. دعيت الكنائس التي أسسها الآباء رسل المسيح بالكنائس بالرسولية، ولذلك نعتز بوصف كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بالرسولية لأن ذلك يعني أنها احتفظت بإيمانها الصحيح المسلم لها على يدي مارمرقس الرسول، وبدون الإيمان السليم المسلم من الآباء الرسل لا يمكن وصف أي طائفة مسيحية بالرسولية لأن كلمة رسولية وصف لصحة وصدق الإيمان وليس مجرد لقب. أكد معلمنا بولس الرسول في رسالته لأهل أفسس أهمية التمسك بالإيمان الرسولي قائلا:"مبنيين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية (أف2: 21) احتفظت الكنيسة بالإيمان سليما صحيحا كما تسلمته من القديس مرقص الرسول، وظلت الأجيال المتعاقبة تستلم الإيمان وتسلمه كما هو دون زيادة أو نقص. لقد اعتقدت الكنيسة إن الإيمان وديعة ثمينة يجب الحفاظ عليها. يرتبط اسم كل أب من الآباء البطاركة برقم يشير لترتيب هذا الأب ضمن سلسلة الآباء البطاركة من القديس مارمرقس وحتى بطريركنا البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث أدام الله لنا حياته سنين كثيرة وأزمنة هادئة مديدة. إن الآباء البطاركة يمثلون سلسلة لوحدة واجدة لأنهم آمنوا وعلموا واحتفظوا ينفس الإيمان ونفس التعاليم وسلموها صحيحة كما هي لمن بعدهم . تحتفظ الكنيسة بتراث ثمين لتعاليم الآباء الرسل (مدون في كتاب الدسقولية) وتراث لخلفائهم من الآباء الذين استلموا منهم الإيمان (مدون في كتب تفاسير وأقوال آباء العصور الأولى) والمتتبع لهذه التعاليم يجد تطابق بينها وبين ما تعلم به الكنيسة هذه الأيام، ولا يسعه إلا أن يشهد بأن إيمان الكنيسة هو الإيمان الرسولي الأصيل. لقد كتبت أسماء الآباء الرسل الأطهار على أساسات سور أورشليم السمائية تأكيداً لأهمية الثبات على إيمانهم السليم فمن يريد إذاً الثبات في المسيح لا يرضى لنفسه بغير الإيمان الرسولي، وكيف يقوم البناء بغير هذا الأساس المتين؟!.. وقد أكد معلمنا بولس الرسول على أهمية الثبات على ما تسلمناه من تعاليم وعلى أهمية التحقق من هوية كل من يعظ أو يعلم بقوله لتلميذه القديس تيموثاؤس:"أما أنت فاثبت على ما تعلمت وأيقنت عارفاً ممن تعلمت".. وإن كان تيموثاؤس الأسقف والابن الصريح في الإيمان (بحسب وصف معلمنا بولس الرسول له) قد احتاج للتنبيه والتحذير بأهمية الحفاظ على الإيمان الرسولي فكم وكم علينا نحن أيضاً الانتباه والاهتمام بالتمسك بما تسلمناه.